اني عشقتك.. واتخذت قراري
فلمن أقدم -يا ترى- أعذاري
لا سلطة في الحب.. تعلو سلطتي
فالرأي رأيي.. والخيار خياري
هذي أحاسيسي.. فلا تتدخلي
أرجوكِ، بين البحر والبحَّار…
ظلي على أرض الحياد.. فإنني
سأزيد إصراراً على إصرار ِ
ماذا أخاف؟ أنا الشرائعُ كلـُّها
وأنا المحيطُ.. وأنت من أنهاري
وأنا النساءُ، جعلتُهُنَّ خواتماً
بأصابعي.. وكواكباً بـِمَدَاري
***
خلِّيكِ صامتة ً.. ولا تتكلـَّمي
فأنا أدير مع النساء حِوَاري
وأنا الذي أعطي مراسيمَ الهوى
للواقفاتِ أمام باب مزاري
وأنا أُرتِّب دولتي.. وخرائطي
وأنا الذي أختار لون بحاري
وأنا أقرِّرُ من سيدخل جنَّتي
وأنا أقرِّرُ من سيدخل ناري
أنا في الهوى متحكِّمٌ.. متسلـِّط ٌ
في كل عِشْق ٍ نكهة استعمار
فاستسلمي لإرادتي ومشيئتي
واستقبلي بطفولةٍ أمطاري..
إنْ كان عندي ما أقـُولُ.. فإنَّني
سأقولهُ للواحد القهَّار..
***
عيناك وحدهما هما شرعَّيتي
ومراكبي، وصديقتا أسفاري
إن كان لي وطنٌ.. فوجهك موطني
أو كان لي دارٌ.. فحبُّكِ داري
من ذا يحاسبني عليك.. وانت لي
هبة السماء.. ونعمة الأقدار؟
من ذا يحاسبني على ما في دمي
من لؤلؤ ٍ.. وزُمُرُّدٍِ.. ومحار؟
أيناقشون الديك في ألوانه؟
وشقائق النعمان في نوَّار؟
***
يا أنت.. يا سلطانتي، ومليكتي
يا كوكبي البحريَّ.. يا عشتاري
إني أحبُّك.. دون أيِّ تحفُّظ ٍ
وأعيش فيكِ ولادتي.. ودماري
إني اقترفتك..عامداً متعمِّداً
إن كنتِ عاراً.. يا لروعة عاري
ماذا أخافُ؟ ومن أخاف؟ أنا الذي
نام الزمان على صدري أوتاري
وأنا مفاتيحُ القصيدةِ في يدي
من قبل بشَّار ٍ.. ومن مهيار
وأنا جعلت الشِعر خُبزاً ساخناً
وجعلتُه ثمراً على الأشجار
سافرت في بحر النساء.. ولم أزل
- من يومها – مقطوعة ً أخباري..
***
يا غابة ً تمشي على أقدامها
وترُشُّني بقرنفل ٍ وبَهَار ِ
شفتاك تشتعلان مثل فضيحةٍ
والناهدان بحالة استنفار
وعلاقتي بهما تظلُّ حميمة ً
كعلاقة الثوَّار ِ بالثُوَّار..
فتشرَّفي بهواي كلَّ دقيقة ٍ
وتباركي بجداولي وبذاري
وأنا جيدٌ جدّاً.. إذا أحببتني
فتعلَّمي أن تفهمي أطواري..

من ذا يقاضيني؟ وأنتِ قضيَّتي
ورفيف أحلامي، وضوءُ نهاري
من ذا يهدِّدُني؟ وأنتِ حضارتي
وثقافتي، وكتابتي، ومناري..
إنِّي استقلتُ من القبائل كلِّها
وتركت خلفي خيمتي وغباري
هم يرفضون طفولتي.. ونبوءتي
وأنا رفضت مدائن الفُخَّار..
كلُّ القبائل لا تريدُ نساءَها
أن يكتشفْن الحبَّ في أشعاري..
كلُّ السلاطين الذين عرفتهم..
قطعوا يديَّ، وصادروا أشعاري
لكنَّني قاتلتهم.. وقتلتهم
ومررت بالتاريخ كالإعصار..
أسقطت بالكلمات ألف خليفةٍ
وحفرت بالكلمات ألف جدار ِ..
أصغيرتي.. إنَّ السفينة أبحرتْ
فتكومي كحمامةٍ بجواري
ماعد ينفعك البكاء ولا الأسى
فلقد عشقتكِ.. واتَّخذت قراري..

نزار قباني 

تعليقات

المشاركات الشائعة